كيف تم إحتلال مركز أزيلال من طرف المستعمر الفرنسي سنة 1916
لم يخرج احتلال أزيلال ونواحيه عن السياق العام الذي كان يعرفه المغرب في فترة الحماية،فقد جاءت الرغبة في احتلال هذه المنطقة منذ البدايات الأولى للاحتلال نظرا لموقعها الإستراتيجي ذو الطابع التضاريسي الوعر الذي كان أحد مراكز التوتر التي كانت تحتضن المجاهدين ضد الاحتلال والخارجين عن المخزن قبل ذلك، وبالتالي كانت المنطقة أحد البؤر التي كانت تقلق المستعمر ،فإحتلال هذا المجال سيسهل المأمورية للاحتلال المناطق المجاورة عن طريق القضاء على جيوب المقاومة به،كما سيساهم أيضا في فرض الأمن من خلال السيطرة على القبائل التي كانت تشكل تهديدا للمستعمر والتي كانت قبل ذلك تخلق مشاكل للمخزن،وقد شكل الموقع الإستراتيجي لأزيلال في بداية الاحتلال مركزا لانطلاق ورجوع الحملات العسكرية المتوجهة نحو مناطق المقاومة، فموقعه الإستراتيجي يسمح بمراقبة تحركات كل القبائل المجاورة ،وهذا ما سنراه فيما بعد،إذ كان هذا المركز النقطة التي كانت تنطلق منها الحملات العسكرية على المناطق المجاورة،فمنه انطلقت الحملات في اتجاه أيت أمحمد وأيت بوكماز ونواحيه ،وكذا في اتجاه بين الويدان واويزغت ،ثم كذلك في اتجاه أيت عتاب، لهذا كان من الضروري السيطرة على هذا الموقع لبلوغ المناطق السالفة الذكر.
إن خضوع هذه المناطق التي كانت تقود مقاومة شرسة ضد المستعمر وعملائه كلاوى، لم يكن بيد المستعمر الفرنسي بل كان بيد كلاوى الأخوين المدني في بادئ الأمر والتهامي فيما بعد اللذان أنهكا القبائل والمجاهدين في المواجهات التي كانت تدور بين الطرفين،خصوصا وأن كلاوى وجنودهم كانوا متمرسين في القتال في المناطق الوعرة التضاريس عكس الفرنسيين الذين كانوا في غالب الأحيان يعملون فقط على تسيير الحملات أو استعمال الأسلحة المتطورة كالمدافع، في المناطق التي بالإمكان أن تصل إليها عندما تكون المعارك ضارية ،وعندما تكون الكفة في ساحة المعركة مائلة لصالح المقاومين على حساب كلاوى.
لعب كلاوى دورا مهما في قهر المجاهدين أما الجيش الفرنسي فيمكن اعتباره جيش مساندة فقط ،إن الجيش الحقيقي الذي قاد المعارك هو جيش كلاوى ،إذن فكلاوى لعبوا دورا مهما في احتلال المنطقة.
لقد جاء التوجه إلى مركز أزيلال من طرف الفرقة المتنقلة لمراكش و حركات المدني الكلاوي والقائد صالح أوراغ وعبد الله أوشطو ،بعد أن تم ضبط الأمور في تنانت ،وقد كان التوجه إلى أزيلال يؤم 27أكتوبر سنة 1916،كانت هذه الحملة بقيادة الجنرال دولاموط وتتكون من 1340فرنسي و1181جزائريا وسنغاليا و1972جنديا مغربيا ،و7000جندي [1]وقد واجهت في طريقها إلى أزيلال مقاومة شرسة ،ولعل ما يبرز هذا هو معركة إمي نزمايز ،التي تكبد فيها المستعمر خسائر فادحة،فلولا استعماله للمدافع لما خرج منتصرا من هذه المعركة .[2]
وفي يوم 30أكتوبر 1916وبعد قهر المقاومة من طرف المستعمر بمدافعه المتطورة وجيش كلاوي المتمرس في القتال بالمناطق الوعرة، دخلت الفرقة المتنقلة لمراكش إلى خميس أيت مساض فبدأت في تأسيس مكتب أزيلال،خلال هذا الدخول اختار المدني الكلاوي الذي شارك في هذه الحملة بشكل فعال أن يرابط بمحلته فوق ربوة تعرف بتامرزوقت ،ومحلة الكلاوي كانت تقع في هذا المكان ميمنة أما المحلة المشتركة بين القائد أوراغ وأشطو تقع ميسرة ،أما المحلة التي يترأسها الضابط الفرنسي فقد كانت مرابطة على مستوى مركز أزيلال.[3]
الملاحظ لهذا التوزيع للمواقع سيجد أن محلة الكلاوي والقائدين أوشطو وأوراغ من خلال مواقعها كان دورها هو حماية المحلة الفرنسية المرابطة بالمركز، فموقع تامرزوقت يسمح بمراقبة كل مجال مركز أزيلال كما يسمح بمراقبة الطرق الأتية من أيت أمحمد والتي يمكن أن تأتي عبرها فرق المقاومة التي كان يترأسها شيخ الزاوية الحنصالية سيدي أمحا أحنصال،والطرق الأتية من نواحي أيت عتاب والتي يمكن أن تطرقها قبائل أيت بوزيد وأيت عتاب،وكذا يسمح بمراقبة مجال أكوديد الذي كانت ترابط فيه قبائل أيت أكوديد،وبالتالي كان من المفروض مراقبة هذه المواقع،ولهذا لعب الباشا المدني الكلاوي دورا مهما في مراقبة تحركات هذه القبائل فقد كانت محلته تحمي المحلة الفرنسية ،لقد لعب من خلال موقعه دورا مهما في رد المقاومين الذين كانوا يهجمون على المحلات ليلا بشكل فجائي .
وهنا يقول الحاج أحمد نجيب الدمناتي في حادثة وقعت لما هاجم المجاهدون محلة الكلاوي"...نزل من علا فرسه (الحاج المدني الكلاوي)وأخرج بندقيته يضرب بها الفساد ،لولا نهاه الضابط الفرنسي خوفا عليه من القتل أو الأسر ،لأنه كان يقدر ماله من مكانة ونفوذ في عمليات تطويع قبائل تلك الجهة ."
[4]إذن يتبين من خلال هذا الكلام ،أن مكانة الحاج المدني الكلاوي كانت كبيرة لدى الفرنسيين ،فقوته ودعمه لهم سيساعدهم في إخضاع جميع قبائل المنطقة وبالتالي لا يجب التفريط في رجل بيديه مفتاح السيطرة على مختلف مناطق أزيلال .
وفي إطار القوة التي كان يتميز بها الكلاوي يقول كوستاف بابان "إنه محارب عظيم ،وقائد حركات ،وضع منذ 1912كفاءاته في خدمة فرنسا "[5] من خلال هذا الكلام كذلك تتبين لنا القيمة المضافة للحملات الفرنسية التي كان يشارك فيها كلاوى ،بمعنى أن هؤلاء ساهموا بشكل كبير في استكمال احتلال المغرب منذ بدية الحماية سنة 1912،وكما ذكرنا سابقا فأزيلال لم تخرج عن السياق العام لاحتلال المغرب،وبذلك فكلاوى لعبوا دورا مهما في إحتلال الجزء مهم من المغرب ومنه منطقة أزيلال.
بعد أن تم القضاء على جيوب المقاومة في مركز أزيلال ،نهج المدني الكلاوي سياسة خطيرة وهي سياسة الاستقطاب وخصوصا استقطاب عناصر كان لها ثقلها داخل القبائل التي تنتمي إليها ،وذلك نظرا لفطنة الكلاوي إلى كون استقطاب هذه العناصر سيجعله قادرا على استمالة القبائل التي ينتمون إليها لصالح كلاوى ولصالح المستعمر،وهذا نظرا لوزن هؤلاء داخل قبائلهم ،فأغلبهم كانوا من شيوخ القبائل وشيوخ الزوايا، وهنا كان هذا الأخير يعمل على استضافة هؤلاء لتناول الشاي والحلوى وكان يقدم لهم الهدايا المالية .[6]
ومن بعض تمضهرات هذه السياسة يقول الشيخ أحمد نجيب الدمناتي "...جاء ذلك الشيخ عند الفقيه (شيخ من أيت مصاد) ومعه كبش وبهيمة محمولة بالزرع،ومعه من أصحابه رجلان ،فأدخلهم الفقيه إلى قبته ،وشرب معهم الإتاي،في كؤوس من الطاوس ،وأعطاهم القريشلات والغريبة .ولما شربوا وأرادوا الذهاب لحالهم،دفع لكل واحد منهم حفنة من القريشلات وحفنة من الغريبة،وفي الغد أتى الشيخ بكبشين للمؤنة ،وبهيمتين من الزرع للعلف،ومعه ستة من الرجال الأعيان ،فأدخلهم الفقيه إلى قبته كعادته ،فقدم لهم صينية مفضضة وكؤوس الطاوس ،فإستأنسوا بحديثه،وعند الافتراق زودهم بالقريشلات والغريبة أيضا،وبعد يوم جاؤوا له بثلاثة أكباش ،وثلاثة أحمال من الزرع ففعل معهم البرور والإكرام والفرح ما هو معهود ولكنهم جاؤا بخمسة عشر رجلا،حتى ملئوا القبة ،وبعد هذا استقر الحال ،وصاروا يقدمون في كل يوم مئونة ستة أكباش وستة أحمال من الزرع للعلف..."[7].
وقد حدث كذلك في نفس السياق حدث حاول فيه المدني الكلاوي استقطاب شيخ الزاوية الحنصالية آنذاك سيدي محى أحنصال الذي كان في بداية الأمر مجاهدا عنيدا كان يعرقل مخططات الكلاوي الرامية إلى احتلال أيت أمحمد ومناطق أيت بوكماز وزاوية أحنصال والمناطق الأخرى،وهنا وفي هذا الصدد يقول كذلك الحاج أحمد نجيب الدمناتي "...وهناك جاءه رجل أسود يزعم أنه عبد المرابط الحنصالي سيدي محى،فاختلى بالفقيه السيد المدني وقال،إنني وصيف للمرابط سيدي محى ،هو يسلم عليك ويشاورك على هذا الأمر ،فأجابه الفقيه قائلا :سلم على المرابط وقل له:إن النصارى لا يمنعون أحدا من دينه ،ولا يظلمونه في دينه ودنياه ،فلتتقدم على بركة الله ،فإنك لا ترى إلا ما يسرك ،فإن كنت في رتبة ،فستزداد رتبتك،فزوده الفقيه بمائة ريال،صلة منه للمرابط،طالبا منه الدعاء الصالح،ودفع للعبد بدوره عشرين ريالا فضة أيضا..."[8].
من خلال هذه الإشارات يتبين أن الكلاوي اعتمد سياسة خطيرة كان لها وقعها في نفس الساكنة ،وهي التركيز على استقطاب الزعامات التي كان صوتها مسموعا داخل قبائلها ،والتي كان لها ثقلها في مجتمعها ،فقد ركز على شيوخ القبائل وشيوخ الزوايا فهؤلاء كما هو معروف في ثقافة المغاربة كلامهم مسموع ورأيهم مأخوذ به،وبالتالي سيلعب هؤلاء دورا مهما في استمالة قبائلهم لصالح حليفهم الجديد،بل أكثر من ذلك ستشارك بعض القبائل من أزيلال إلى جانب الكلاوي والمستعمر في احتلال بعض المناطق المحيطة بأزيلال .
فقد شارك مثلا أيت أتفركال في الحملة على أيت أمحمد[9]، إذن من هنا فالكلاوي من خلال سياسته لعب دورا مهما في بسط يد المستعمر على أزيلال وفي اكتساب حلفاء جدد لعبوا أدوارا مهمة من خلال مشاركاتهم في الحملات العسكرية التي كان يقودها المحتل بمساعدة الكلاوي والتي أسفرت عن إخضاع مجموعة من المناطق داخل هذا المجال.
وبعد فرض السيطرة على مركز أزيلال قرر المستعمر التوجه نحو إخضاع مناطق أخرى، ففي يوم 24 نونبر 1916 توجهت الفرقة المتنقلة لمراكش ،وكان قوامها 12فرقة ووحدتين جويتين تدعمهما حركات المدني الكلاوي وصالح أوراغ وعبد الله أوشطو وبعض المساندين من أيت مساض،نحو الشرق حيت بلغت الحملة قمة جبل أيت أوكوديد ،فأحرقت القصبات على رؤوس أصحابها ، وبلغت المرتفعات المشرفة على واوزغت والحوض الأعلى لواد العبيد ،ثم عادة إلى خميس أيت مساض أي مركز أزيلال ،وقد لعب الكلاوي دورا مهما في هذه الحملة ، التي كان الهذف من هذه الحملة هو محاولة القضاء على جيوب المقاومة في أكوديد فقد كانت قبائل أيت أكوديد تقود مقاومة شرسة ضد المحتل ،إذ كان المجاهدون من أيت أكوديد يهاجمون باستمرار مركز أزيلال ولهذا جاءت هذه الحملة للقضاء عليهم لكنها فشلت لأن مقاومة أيت أكوديد استمرت بعد ذلك لسنوات. [10]
إن خضوع هذه المناطق التي كانت تقود مقاومة شرسة ضد المستعمر وعملائه كلاوى، لم يكن بيد المستعمر الفرنسي بل كان بيد كلاوى الأخوين المدني في بادئ الأمر والتهامي فيما بعد اللذان أنهكا القبائل والمجاهدين في المواجهات التي كانت تدور بين الطرفين،خصوصا وأن كلاوى وجنودهم كانوا متمرسين في القتال في المناطق الوعرة التضاريس عكس الفرنسيين الذين كانوا في غالب الأحيان يعملون فقط على تسيير الحملات أو استعمال الأسلحة المتطورة كالمدافع، في المناطق التي بالإمكان أن تصل إليها عندما تكون المعارك ضارية ،وعندما تكون الكفة في ساحة المعركة مائلة لصالح المقاومين على حساب كلاوى.
لعب كلاوى دورا مهما في قهر المجاهدين أما الجيش الفرنسي فيمكن اعتباره جيش مساندة فقط ،إن الجيش الحقيقي الذي قاد المعارك هو جيش كلاوى ،إذن فكلاوى لعبوا دورا مهما في احتلال المنطقة.
لقد جاء التوجه إلى مركز أزيلال من طرف الفرقة المتنقلة لمراكش و حركات المدني الكلاوي والقائد صالح أوراغ وعبد الله أوشطو ،بعد أن تم ضبط الأمور في تنانت ،وقد كان التوجه إلى أزيلال يؤم 27أكتوبر سنة 1916،كانت هذه الحملة بقيادة الجنرال دولاموط وتتكون من 1340فرنسي و1181جزائريا وسنغاليا و1972جنديا مغربيا ،و7000جندي [1]وقد واجهت في طريقها إلى أزيلال مقاومة شرسة ،ولعل ما يبرز هذا هو معركة إمي نزمايز ،التي تكبد فيها المستعمر خسائر فادحة،فلولا استعماله للمدافع لما خرج منتصرا من هذه المعركة .[2]
وفي يوم 30أكتوبر 1916وبعد قهر المقاومة من طرف المستعمر بمدافعه المتطورة وجيش كلاوي المتمرس في القتال بالمناطق الوعرة، دخلت الفرقة المتنقلة لمراكش إلى خميس أيت مساض فبدأت في تأسيس مكتب أزيلال،خلال هذا الدخول اختار المدني الكلاوي الذي شارك في هذه الحملة بشكل فعال أن يرابط بمحلته فوق ربوة تعرف بتامرزوقت ،ومحلة الكلاوي كانت تقع في هذا المكان ميمنة أما المحلة المشتركة بين القائد أوراغ وأشطو تقع ميسرة ،أما المحلة التي يترأسها الضابط الفرنسي فقد كانت مرابطة على مستوى مركز أزيلال.[3]
الملاحظ لهذا التوزيع للمواقع سيجد أن محلة الكلاوي والقائدين أوشطو وأوراغ من خلال مواقعها كان دورها هو حماية المحلة الفرنسية المرابطة بالمركز، فموقع تامرزوقت يسمح بمراقبة كل مجال مركز أزيلال كما يسمح بمراقبة الطرق الأتية من أيت أمحمد والتي يمكن أن تأتي عبرها فرق المقاومة التي كان يترأسها شيخ الزاوية الحنصالية سيدي أمحا أحنصال،والطرق الأتية من نواحي أيت عتاب والتي يمكن أن تطرقها قبائل أيت بوزيد وأيت عتاب،وكذا يسمح بمراقبة مجال أكوديد الذي كانت ترابط فيه قبائل أيت أكوديد،وبالتالي كان من المفروض مراقبة هذه المواقع،ولهذا لعب الباشا المدني الكلاوي دورا مهما في مراقبة تحركات هذه القبائل فقد كانت محلته تحمي المحلة الفرنسية ،لقد لعب من خلال موقعه دورا مهما في رد المقاومين الذين كانوا يهجمون على المحلات ليلا بشكل فجائي .
وهنا يقول الحاج أحمد نجيب الدمناتي في حادثة وقعت لما هاجم المجاهدون محلة الكلاوي"...نزل من علا فرسه (الحاج المدني الكلاوي)وأخرج بندقيته يضرب بها الفساد ،لولا نهاه الضابط الفرنسي خوفا عليه من القتل أو الأسر ،لأنه كان يقدر ماله من مكانة ونفوذ في عمليات تطويع قبائل تلك الجهة ."
[4]إذن يتبين من خلال هذا الكلام ،أن مكانة الحاج المدني الكلاوي كانت كبيرة لدى الفرنسيين ،فقوته ودعمه لهم سيساعدهم في إخضاع جميع قبائل المنطقة وبالتالي لا يجب التفريط في رجل بيديه مفتاح السيطرة على مختلف مناطق أزيلال .
وفي إطار القوة التي كان يتميز بها الكلاوي يقول كوستاف بابان "إنه محارب عظيم ،وقائد حركات ،وضع منذ 1912كفاءاته في خدمة فرنسا "[5] من خلال هذا الكلام كذلك تتبين لنا القيمة المضافة للحملات الفرنسية التي كان يشارك فيها كلاوى ،بمعنى أن هؤلاء ساهموا بشكل كبير في استكمال احتلال المغرب منذ بدية الحماية سنة 1912،وكما ذكرنا سابقا فأزيلال لم تخرج عن السياق العام لاحتلال المغرب،وبذلك فكلاوى لعبوا دورا مهما في إحتلال الجزء مهم من المغرب ومنه منطقة أزيلال.
بعد أن تم القضاء على جيوب المقاومة في مركز أزيلال ،نهج المدني الكلاوي سياسة خطيرة وهي سياسة الاستقطاب وخصوصا استقطاب عناصر كان لها ثقلها داخل القبائل التي تنتمي إليها ،وذلك نظرا لفطنة الكلاوي إلى كون استقطاب هذه العناصر سيجعله قادرا على استمالة القبائل التي ينتمون إليها لصالح كلاوى ولصالح المستعمر،وهذا نظرا لوزن هؤلاء داخل قبائلهم ،فأغلبهم كانوا من شيوخ القبائل وشيوخ الزوايا، وهنا كان هذا الأخير يعمل على استضافة هؤلاء لتناول الشاي والحلوى وكان يقدم لهم الهدايا المالية .[6]
ومن بعض تمضهرات هذه السياسة يقول الشيخ أحمد نجيب الدمناتي "...جاء ذلك الشيخ عند الفقيه (شيخ من أيت مصاد) ومعه كبش وبهيمة محمولة بالزرع،ومعه من أصحابه رجلان ،فأدخلهم الفقيه إلى قبته ،وشرب معهم الإتاي،في كؤوس من الطاوس ،وأعطاهم القريشلات والغريبة .ولما شربوا وأرادوا الذهاب لحالهم،دفع لكل واحد منهم حفنة من القريشلات وحفنة من الغريبة،وفي الغد أتى الشيخ بكبشين للمؤنة ،وبهيمتين من الزرع للعلف،ومعه ستة من الرجال الأعيان ،فأدخلهم الفقيه إلى قبته كعادته ،فقدم لهم صينية مفضضة وكؤوس الطاوس ،فإستأنسوا بحديثه،وعند الافتراق زودهم بالقريشلات والغريبة أيضا،وبعد يوم جاؤوا له بثلاثة أكباش ،وثلاثة أحمال من الزرع ففعل معهم البرور والإكرام والفرح ما هو معهود ولكنهم جاؤا بخمسة عشر رجلا،حتى ملئوا القبة ،وبعد هذا استقر الحال ،وصاروا يقدمون في كل يوم مئونة ستة أكباش وستة أحمال من الزرع للعلف..."[7].
وقد حدث كذلك في نفس السياق حدث حاول فيه المدني الكلاوي استقطاب شيخ الزاوية الحنصالية آنذاك سيدي محى أحنصال الذي كان في بداية الأمر مجاهدا عنيدا كان يعرقل مخططات الكلاوي الرامية إلى احتلال أيت أمحمد ومناطق أيت بوكماز وزاوية أحنصال والمناطق الأخرى،وهنا وفي هذا الصدد يقول كذلك الحاج أحمد نجيب الدمناتي "...وهناك جاءه رجل أسود يزعم أنه عبد المرابط الحنصالي سيدي محى،فاختلى بالفقيه السيد المدني وقال،إنني وصيف للمرابط سيدي محى ،هو يسلم عليك ويشاورك على هذا الأمر ،فأجابه الفقيه قائلا :سلم على المرابط وقل له:إن النصارى لا يمنعون أحدا من دينه ،ولا يظلمونه في دينه ودنياه ،فلتتقدم على بركة الله ،فإنك لا ترى إلا ما يسرك ،فإن كنت في رتبة ،فستزداد رتبتك،فزوده الفقيه بمائة ريال،صلة منه للمرابط،طالبا منه الدعاء الصالح،ودفع للعبد بدوره عشرين ريالا فضة أيضا..."[8].
من خلال هذه الإشارات يتبين أن الكلاوي اعتمد سياسة خطيرة كان لها وقعها في نفس الساكنة ،وهي التركيز على استقطاب الزعامات التي كان صوتها مسموعا داخل قبائلها ،والتي كان لها ثقلها في مجتمعها ،فقد ركز على شيوخ القبائل وشيوخ الزوايا فهؤلاء كما هو معروف في ثقافة المغاربة كلامهم مسموع ورأيهم مأخوذ به،وبالتالي سيلعب هؤلاء دورا مهما في استمالة قبائلهم لصالح حليفهم الجديد،بل أكثر من ذلك ستشارك بعض القبائل من أزيلال إلى جانب الكلاوي والمستعمر في احتلال بعض المناطق المحيطة بأزيلال .
فقد شارك مثلا أيت أتفركال في الحملة على أيت أمحمد[9]، إذن من هنا فالكلاوي من خلال سياسته لعب دورا مهما في بسط يد المستعمر على أزيلال وفي اكتساب حلفاء جدد لعبوا أدوارا مهمة من خلال مشاركاتهم في الحملات العسكرية التي كان يقودها المحتل بمساعدة الكلاوي والتي أسفرت عن إخضاع مجموعة من المناطق داخل هذا المجال.
وبعد فرض السيطرة على مركز أزيلال قرر المستعمر التوجه نحو إخضاع مناطق أخرى، ففي يوم 24 نونبر 1916 توجهت الفرقة المتنقلة لمراكش ،وكان قوامها 12فرقة ووحدتين جويتين تدعمهما حركات المدني الكلاوي وصالح أوراغ وعبد الله أوشطو وبعض المساندين من أيت مساض،نحو الشرق حيت بلغت الحملة قمة جبل أيت أوكوديد ،فأحرقت القصبات على رؤوس أصحابها ، وبلغت المرتفعات المشرفة على واوزغت والحوض الأعلى لواد العبيد ،ثم عادة إلى خميس أيت مساض أي مركز أزيلال ،وقد لعب الكلاوي دورا مهما في هذه الحملة ، التي كان الهذف من هذه الحملة هو محاولة القضاء على جيوب المقاومة في أكوديد فقد كانت قبائل أيت أكوديد تقود مقاومة شرسة ضد المحتل ،إذ كان المجاهدون من أيت أكوديد يهاجمون باستمرار مركز أزيلال ولهذا جاءت هذه الحملة للقضاء عليهم لكنها فشلت لأن مقاومة أيت أكوديد استمرت بعد ذلك لسنوات. [10]
[1] العربي عيسى،مقاومة سكان إقليم أزيلال للإحتلال الفرنسي في مرحلة غزو المغرب مابين 1912و1933ج1،مطبعة عين أسردون الطبعة الأولى،ص197.
[2] نفسه نفس الصفحة.
[3] الحاج الدمناتي أحمد نجيب ،القول الجامع في تاريخ دمنات وما وقع فيها من الوقائع ،ضبط النص أحمد بن محمد عمالك،الطبعة ووالوراقة الوطنية ،مراكش،2012ص73.
[4] نفسه،نفس الصفحة.
[5] بابان كوستاف ،الباشا الكلاوي ،الأسطورة والحقيقة في حياة باشا مراكش ،ترجمة عبد الرحيم حزل،مطبعة أفريقيا الشرق،بيروث ،لبنان 1999،ص91.
[6] الحاج الدمناتي أحمد نجيب المرجع السابق ص52.
[7] نفسه الصفحة،74،75.
[8] نفسه،الصفحة،76.
[9] العربي عيسى المرجع السابق،ص203.
[10] نفسه، ص198.
[2] نفسه نفس الصفحة.
[3] الحاج الدمناتي أحمد نجيب ،القول الجامع في تاريخ دمنات وما وقع فيها من الوقائع ،ضبط النص أحمد بن محمد عمالك،الطبعة ووالوراقة الوطنية ،مراكش،2012ص73.
[4] نفسه،نفس الصفحة.
[5] بابان كوستاف ،الباشا الكلاوي ،الأسطورة والحقيقة في حياة باشا مراكش ،ترجمة عبد الرحيم حزل،مطبعة أفريقيا الشرق،بيروث ،لبنان 1999،ص91.
[6] الحاج الدمناتي أحمد نجيب المرجع السابق ص52.
[7] نفسه الصفحة،74،75.
[8] نفسه،الصفحة،76.
[9] العربي عيسى المرجع السابق،ص203.
[10] نفسه، ص198.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق