كيفية احتلال منطقة أزيلال
إن تحديد الكيفية التي تم بها احتلال منطقة أزيلال من طرف المستعمر الفرنسي، يقتضي من أولا تحديد المجال الجغرافي لهذه المنطقة خلال عهد الحماية وكيفية تعامل سلطات الاحتلال مع هذا المجال ومع القبائل التي تستوطنه، وكذا مع الفترة التي استغرقتها قوات الاحتلال في بسط نفوذهاعليه،وبحت الخطة التي رسمتها تلك القوات من أجل السيطرة
على هذه المنطقة ذات الموقع الاستراتيجي بوقوعها على الطريق الرابطة بين مراكش من جهة وفاسومكناس من جهة أخرى،وعلى أحدالممرات المؤدية من المنطقةالصحراوية إلى غرب البلاد عبر دادس،لنبين الكيفيةالتي واجه بها مقاوما المنطقة هذه الخطة،وكذا الوسائل التي استخدمت في المواجهات بين الطرفين معا.
1- المجال الجغرافي لمنطقة أزيلال خلال عهدالحماية وكيفية تعامل سلطات الاحتلال مع هذاالمجال مع القبائل التي تستوطنه :
من المعلوم أن إقليم أزيلال لم يحدث إلا في سنة 1975ن لذلك يجب التنبيه منذ البداية إلى أننا حينما نتحدث فيما سيأتي عن إقليم أو منطقة أزيلال ، فإننا نقصد بذلك المجال الترابي الذي يتكون منه اليوم هذا الإقليم كما كانت تتعامل معه السلطات الاستعمارية في مرحلة الاحتلال . فكما هو معلوم فإن إقليمأزيلال يضم حاليا أربع دوائر وهي (1):
1- دائرة أزيلال: وتنضوي تحتها بالإضافة إلى بلدية أزيلال قيادة آيت امحمد (وتضم جماعة آيت امحمد،وجماعة آيت عباس) وقيادة تبانت (وتضم جماعة تبانت وجماعة آيت بوولي) وقيادة أكوديد (وتضم جماعة أكودي نلخير وجماعة تامدة نومرصيد) وقيادة زاوية أحنصال.
2- دائرة بزو: وتنضوي تحتها قيادة آيت عتاب(وتضم جماعة تسقي وجماعة مولاي عيسى بن إدريس وجماعة تاونزة وجماعة بني عياط) وقيادة ابزو (وتضم جماعة ابزو وجماعة ارفالة) وقيادة تنانت (وتضم جماعة فم الجمعة وجماعة بني حسان وجماعة تابيا وجماعة آيت تاكلا وجماعة تنانت).
3- دائرة دمنات : وتنضوي تحتها قيادة واولى (وتضم جماعة آيت بلال ، وجماعة واولى ، وجماعة آيت ماجدن) وقيادة إمي نفري (وتضم سيدي بولخلفن وجماعة تفني وجماعة أمليل) وقيادة آيت تمليل(وتضم جماعة آيت أومديس وجماعة آيت تمليل) وقيادة فطواكة (وتضم جماعة أنزو ، وجماعة تدلي فطواكة وجماعة سيدي يعقوب)،
4- دائرة واويزغت : وتنضوي تحتها قيادة أفورار(وتضم جماعة أفورار وجماعة تموليلت، وقيادة أنركي وقيادة واويزغت (وتضم جماعة بين الويدان ، وجماعة أسكسي وجماعة واويزغت وجماعة آيت واعرضى) وقيادة تاكلفت (وتضم جماعة تيفرت نايت حمزة وجماعة آيت أوقبلي وجماعة تاكلفت)وقيادة تلوكيت (وتضم جماعة تبروشت ، وجماعة مازيغ وجماعة تلوكيت).
ومن القبائل الكبرى التي استوطنت هذا الإقليم ندكر على الخصوص هنتيفة وفطواكة وآيت عتاب وبني عياط وآيت بوزيد وآيت مصاض وآيت بوكماز وآيت عطا نومالو وآيت سخمان وغيرها من القبائل التي تتفرع عن هذه القبائل الكبرى.
وقد حارت سلطات الاحتلال في تعاملها مع المجال الترابي الذي يتكون منه اليوم إقليم أزيلال سواء خلال مرحلة الاحتلال وحتى بعد إنهاء ما كانت تسميه بعمليات التهدئة ، ذلك أنه بمجرد احتلالها لدمنات وهنتيفة في سنة 1915 وخميس آيت مصاد وآيت عتاب في أواخر سنة 1916، بادرت إلى إحداث مكتب أزيلال الذي اتخذت منه دائرة تشرف على كل القبائل الجبلية الخاضعة المحيطة بهذا المركز الذي يتلقى التعليمات من قيادة ناحية مراكش. ومع تقدم قوات الاحتلال عبر تراب هذا الإقليمأصبح مجال هذه الدائرة يتسع أحبانا وينكمش احيانا أخرى إلى القبائل المجاورة له فقط.وسواء تعلق الأمر بدائرة أزيلال أو بالقبائل الأخرى التي ألحق بعضها تارة بدائرة بني ملال وتارة بدائرة لقصيبة وأخرى بدائرة زايان، فإنه لم تعرف طيلة فترة الاحتلال أي استقرار من حيث الناحية الإدارية التي تتبع لها،إذ يكون المجال الترابي لهذا الإقليم أحيانا خاضعا كله لناحية واحدة ، ويكون موزعا أحيانا أخرى بين عدة نواحي. والنواحي التي كانت تتجاذب تراب هذاالإقليم هي ناحية مراكشومقاطعة تادلة ومقاطعة الأطلس المركزي وناحية مكناس وناحيةالدار البيضاء(2).
وفي جميع الأحوال فإن مجال هذاالإقليم كان يدخل ضمن المناطق العسكرية بالمغرب مند أواخر سنة 1926(3). ولإعطاء فكرة شاملة عن تقسيم تراب هذا الإقليم خلال فترة الحماية نشير على سبيل المثال بالنسبة للمرحلة الأخيرة من مراحل التهدئة إلى أن مقرري الوزير المنتدب لدى الإقامة العامة المؤرخين في 11 أبريل 1933 والمتعلقين بإعادة التنظيم الترابي والإداري لمقاطعة تادلة وناحية مراكش (4)يجعلان تراب هذا الإقليم مقسما بين تلاث دوائر تابعة لمقاطعة تادلةوهي دائرة أزيلال ودائرة بني ملال ودائرة لقصيبة وبين نمكتب الشِون الأهلية بدمنات التابع لملحقة مراكش الضاحية.ونظرا لكون هذاالتقسيم يعطي المزيد من التفاصيل عن قبائل هذه المنطقة،فإننا نلخصه كالتالي حتى نكون على بينة من موقعها حينما ذكرها فيما سيأتي.
فدائرة أزيلال التي يوجد مقرها بأزيلال تشمل :
مكتب دائرة الشؤون الأهلية بأزيلال الذي يتولى شؤون الدائرة ويراقب قبائل آيت أوتفركل وآيت أوكوديد وهنتيفة وآيت عتاب وآيت عباس وآيت حمزة(آيت بوزيد الجبل) وآيت مازيغ،
مكتب الشؤون الأهلية بآيت امحمد ، ويراقب قبائل آيتا محمد وآيت ونيرلبرنات وآيت بوكماز،
مكتب الشؤون الأهلية بتالمست ، ويراقب آيت بويكنيفت بالإضافة إلى تكليفه بمتابعة العمل السياسي بزاوية أحنصال،
وتشرف دائرة بني ملال التي يوجد مقرها في مدينة بني ملال ، من بين ما تشرف عليه:
– قبيلة بني عياط وقبيلة آيت سعيد أوعلي بواسطة مكتب الشؤون الأهلية ببني ملال،
– قبيلة آيت بوزيد باستتناءآيت حمزة وقبيلة آيت عطا نومالو وقبيلةآيت إيسيمور والأفخادالخاضعة من قبيلة آيت إصحابواسطةمكتب الشؤون الأهلية بواويزغت الذي يتابع العمل السياسي يالأفخاد غير الخاضعة من هذه القبيلة،
– الأفخاد الخاضعة من قبيلة آيد داوود أوعلي (إيمداحن وآيت بولمان آيت وانركي)بواسطة مكتب الشؤون الأهلية بتاكلفتن الذي يتابع العمل السياسي لدى الأفخاد غير الخاضعة من قبيلة آيت سعيد أوعلي وآيت عطا نومالو بتنسيق مع مكتبي بني ملال ووايزغت.
– أما دائرة لقصيبة التي يوجد مقرها في القصيبة فتراقب من بين ما تراقب: مكتب الشؤون الأهلية بتيفرت نايت حمزة الذي يشرف على الأفخاد الخاضعة من قبيلةآيت داوود أوعلي(آيت حمزةن آيت أوقبلي، آيت اسماعيل) .
ويشرف مكتب الشؤون الأهلية بدمنات على مدينة دمنات وقبيلتي فطواكة وولتانة أوأينولتان.
2- الفترة التي استغرقتها قوات الاستعمار الفرنسي في احتلال إقليم أزيلال:
بمجرد احتلال منطقة الشاوية في سنة 1908، اتجهت أنظار قوات الاحتلال إلى منطقة تادلة.فانطلقت تغزوها عبر محاور متعددة:الشاوية-وادي زم-قصبة تادلة،وزعير-وادي زم،والبروج-دار ولد زيدوح،وقصبة تادلة– بني ملال،وقصبة تادلة–القصبة الزيدانية بني عمير،والبروج–الفقيه بن صالح،وقصبة تادلة-القصبة الزيدانية-العين الزرقاء- سيدي صالح-دار ولد زيدوح(5)وقد وجدت هذه القوات عبر كل هذه المحاور مقاومة عنيفة كما تشهد على ذلك المعارك الكثيرة التي دارت رحاها في نقط مختلفة من بلاد تادلة ولاسيما خلال الفترة من سنة 1910 إلى سنة 1916. وقد هب سكان الجبال المجاورة لمؤازرة سكان هذه المناطق ولوقف زحف القوات الاستعمارية قبل أن تصل إلى مواقعهم، فنزلت حركتا القائد موحا أحمو الزياني والقائد موحا أوسعيد الويراوي عبر محور وادي زم- قصبة تادلة ، وتحرك سكان إقليم أزيلال في مرحلة أولى في اتجاه بني مسكين قبل أن ينزلوا بثقلهم في المعارك التي كان سهل بني موسى ومنطقة الدير مسرحا لها.وقد اقتنعت القوات الاستعمارية بأن احتلال سهال تادلة لن يتأتى لها إلا إذا أخضعت لنفوذها سكان الجبال المجاورة(6)فاتجهت مند البداية صوب إقليم أزيلال من واجهات متعددة:منمراكش إلى هنتيفة ودمنات، ومن العين الزرقاء إلى سيدي على بن ابراهيم،ومن بني ملال إلى دير جبال بني عياط وآيت بوزيد،ومن قصبة تادلة إلى القصيبة،فكانت المواجهات الأولى فوق تراب هذا الإقليم ومنهامعركة فم الجمعة بهنتيفة يوم 27 نونبر 1912(7) ومعلرك سيدي علي بن ابراهيم أيام 27 و28 و29أبريل 1913(8).وفي سنة 1915 تم احتلال جزء من هنتيفة ومن ضمنها مركز تنانت تم الجهة الشرقية لدمنات (9).
وخلال الفترة الممتدة من أواخر شهر أكتوبر إلى منتصف شهر دجنبر 1916 تمكنت الفرقة المتنقلة لمراكش بقيادة الجنرال دولاموط من إخضاع آيت تاكلا وممر المزاميز وخمسي آيت مصاض وآيت عتاب حيث التقت في أربعاء مولاي عيسى بن إدريس بفرقة الكولونيل أوبير القادمة من بني ملال مرورا بالكرازة وزاوية سيدي علي بن ابراهيم وارفالة (10).وعلى إثر هذه الحملة تم إحداث مكتب أزيلال الذي أصبح مقرا للدائرة،وانطلاقا من هذا المركز الجدي حاولت قوات الاحتلال أن تبسط نفودهاعلى القبائل المجاورة ولاسيما منهاالمستوطنة شرق وشمال أزيلال،غيرأنها وجدت مقاومة عنيفة من طرف سكان هذه القبائل بالرغم من الإمكانيات الكبيرة والمتطورة التي استخدمتها في مواجهتهم. وكانت من أعنفها المواجهات الأولى مع مع قبيلتي آيت بوكماز وآيتا محمد فوق أراضيهم خلال سنة 1918(11).ولم يقع احتلال بويحي في بلاد آيتا ممد ثم بعده مباشرة منطقة بين الويدان ومركزواويزغت بالرغم من قربها من مركز أزيلال إلا في أواخر سنة 1922(12)أي بعد ست سنوات من السيطرةعلى خميس آيت مصاض.ولكي تصل قوات الاحتلال من واويزغت إلى باقي تراب آيت عطا نومالو وآيت إصحا بالرغم من قرب المسافة فإن الأمر قد تطلب منها عشر سنوات أي من سنة 1922إلى سنة1932(13)،حيث عرفت هذه السنةالأخيرة معارك طاحنة في تلوكيت مثل معارك جبل إيصاف وإزروالن، زلم تحكم سيطرتها على آخر معاقل وحصون هذه المناطق من بلاد آيت مصاد وآيت عطا نومالو وآيت سخمان الغربيين إلا في سنة 1933 (14).
وهكذا فإن احتلال منطقة أزيلال قد استغرق ما يزيد على 21 سنة أي من سنة 1912 إل سنة 1933 دون أن تتوقف المعارك طيلة هذه الفترة فوق المجال الترابي الذي يتكون منه اليوم إقليم أزيلال، وهي خصوصية من بين الخصوصيات البارزة لمقاومة سكان هذا الإقليم . ويتجلى مدى ثقل العبء الذي سكان إقليم أزيلال إذا لاحظنا بأن احتلال التراب المغربي بوجه عام أو ما كانت تسميه السلطات الاستعمارية بعمليات التهدئة قد دام حوالي 27 سنة أي مند سنة 1907 التي سجلت احتلال كل من مدينةالدار البيضاء ووجدة إلى سنة 1934 والتي كان فيها آخر من وضع السلاح هم سكان تزنيت ومنطقة تافيلالت (15).
فكيف كانت هذه المواجهات وبأي ثمن وقع احتلال تراب هذاالإقليم بالنسبة للطرفين،هذا ما سنحاول أن نعطي فكرة عنه في الفقرات القادمة.
3- الخطة التي وضعتها قوات الاحتلال لبسط نفودهاعلى تراب إقليم أزيلال والكيفية التي واجه بها مقاومو المنطقة هذه الخطة:
• لقد لجأت قوات الاحتلال في إطار العمليات التي قادها عبر مجموع التراب الوطني الذي يكون اليوم إقليم أزيلال خلال الفترة من سنة 1912 إلى سنة 1933 ، حتى تنفيد أحدث الخطط والتكتيكات العسكرية التي ابتكرها خبراؤهم على ضوء استفادتها من تجربتها الطويلة في احتلال التراب الجزائري ذي الخصائص البشرية والمعطيات الطبيعية المماثلة. وكانت هذه القوات تشيد بتلك الخطط العسكريةالتي رسم معالمهاوخطوطها الكبرى المارشال ليوطي،وتنوه بالساهرين على تنفيدها في نقط مختلفة من تلاباالإقليممن بيم ضباطهاأمثال الجنرال دولاموط والجنرال نزجيس والجنرال دوكان والجنرال بوايي دولاتور والكولوميل مانجان والكولونيل أوبير وغيرهم.وقد سجل ذلك على سبيل المثال ضابط الصف جان لويس وهو يتحدث عن الجنرال دولاموط قائد ناحية مراكش الذي تولى في أواخرسنة 1916 قيادة الحملة التي اتنهت باحتلال آيت تاكلا وخميس آيت مصاض،وفي سنة 1918قيادة الحملة التي توجهت إللا بويحي حيث قال: “إن الفرقة التي قادها الجنرال دولاموط نونبر1916) عبر بلاد آيت عتاب قد تم تتبعها بفضول كبير من طرف جميع المهتمين في المغرب بالشؤون الاستراتيجية والديبلوماسية ، وأن جرأة المفاهيم العسكرية لهذا الضابط وأصالة أساليبه في الإدارة قد رفعت هذه العملية العسكرية إلى مستوى نوع من التعليم(16).
• كما استفادت هذه القوات في وضع تلك الخطط من التقارير التي أنجزها الجواسيس الأجانب الذين زاروا المنطقة في إطار التمهيد لاحتلال المغرب من أمثال الرحالة الإنكليزي هوكر في سنة 1871 والراهب الفرنسي شارل دوفوكو في سنة 1883 والإنجليزي جوزيف طومسون في سنة 1888 والفرنسي إدمون دوتي في سنة 1901 والدانماركي دوسيكونزاك في سنة 1905(17)، حيث ركزوا في هذه التقارير على إبرازالخصائص والموارد الطبيعية للمنطقة وفي مقدمتها المسالك التي يمكن عبورها،كما عرفوا بالإمكانيات البشرية والماديةالتي يمكن لكل قبيلة أن تجندها في حالة المواجهة معها وفي مقدمتها عدد المشاة وعدد الخيول.ولم تخف قوات الاحتلال استفادتها من هذه التقارير حيث ردد جوستاف بابان على سبيل المثال ما قاله شارل ذوفوكو عن واويزغت لأنه لم يدع أبداأي شيء بدون رؤية أو تفكير ولم يكذب أبدا(18).
• وفي إطار الخطة العامة التي رسمها المارشال ليوطي والرامية إلى الاستعانة بالقوادالكبار في احتلال المغرب،لجأت سلطات الاحتلال على مستوى منطقة أزيلال إلى سياسة إغراء السكان ماديا ومعنويا ولاسيما منهم القواد والأعيان بالمناصب وببعض الامتيازات أو بعدم المساس بمصالحهم وتحريرهم من الكلفة المخزنية .وقد تجسدت هذه الإغراءات من بين ما تجسدت فيه في تعيين القواد من بين سكان القبائل على العموم يساعدهم شيوخ يعينون كذلك من بين أعيان كل قبيلة بالإضافة إلى تعيين أبرز الأعيان فيما يسمى بجماعات القبائل. وبهذه السياسة استطاعت سلطات الاحتلال أن تنفد سياستها في القبائل المحتلة وأن تستعين بهذه القبائل في إخضاع المناطق التي لم تنلها بعد أحكامها. وكأمثلة على ذلك أن هذه السلطات قداستعانت بالإضافة إلى حركات المدني الكلاوي والتهامي الكلاوي وعبد المالك الكلاوي بحركات كل من عبد الله أوشطو قائد هنتيفة الجبل وصالح أورغاد قائد هنتيفة السهل في احتلال ممر المزاميز وخميس آيت مصاض وآيت عتاب وآيت أكوديد وآيت امحمد وآيت بوكماز(19).كمااستعانت بحركة باشا تادلة سي بوجمعة وبالحركات التابعة لقائد آيت عتاب محمد بن سيمو في احتلال واويزغت وما وراءها من بلاد آيا إصحا(20) وغيرها من حركات القبائل الخاضعة كما يتضح من قائمة أسماء المساندين المغاربة الذين سقطوا في معارك التهدئة بنقط مختلفة من تراب منطقة أزيلال(21). وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن خطة قوات الاحتلال في إطار تهدئة قبائل المنطقة كانت تعتمد على جعل القوات المساندة أو الإضافية والمتكونة من حركات القبائل في المقدمة للتقليص من عدد ضحاياها من الجنودالنظاميين،وهذا ما اعترف به الجنرال كيوم حين قال:”لم نتردد في إلى اللجوء إلى القبائل البربرية غداة خضوعها مباشرة ، فكل وتبة إلى الأمام تكسب في صفوفها عناصر ممتازة،وفي نفس الوقت فإن رغبتنا المشروعة في الحد من الخسائر بين القوات النظامية تحثنا على أن نستخدم القوات الإضافية على نطاق أوسع”(22).
• ولم تقتصر سياسة الإغراء هذه على أعيان القبائل وزعمائها بل شملت كذلك رجال الدين ، وسنكتفي بأمثلة عنها على مستوى المنطقة ، ذلك أن قوات الاحتلال استطاعت أن تضم إلى صفوفها في وقت مبكر سيدي علي شيخ زاوية سيدي عبد الله بضاحية أزيلال (23)، كما تمكنت من أن تغري شيخ الزاوية الحنصالية سيدي امحا بعد أن عانت من مقاومته الشديدة الأمرين خلال الفترة مابين 1916و1922بالخصوص بتعيينه قائداعلى قبائل آيا امحمد وآيت بوكماز وآيت بويكنيفن وآيت مازيغ وإيحنصال، فيمابين 1923وسنة 1934(24).زمن مظاهر الاهتمام برجال الدين في المنطقة أيضا أنه بمجرد احتلال مركز آيت عتاب يوم 5 دجنبر 1916 سلم القبطان أرطليب حاكم الناحيةالعتابية إلى مولاي ناصر مقدم زاوية مولاي عيسى بن إدريس خطاب تكليفه بأمور هذه الزاوية المؤرخ في 8 دجنبر 1916 والحامل لطابع الجنرال قائد ناحية مراكش، وهذا نصه : ” ماسكه مولاي ناصر قد كلفناه بالنظر في أمور الشرفاء أولاد مولاي عيسى بن إدريس في جميع ما يرجع لمصالحهم ومصالح حبس الزاوية المذكورة وهو الواسطة بينهم وبين شيخ المخزن ن فمن وقف عليه من ولاة المخزن فليعمل به ، في 12 صفر ، عام 1335هجرية (12-08-1916 م)ن حاكم الناحية العتابية القبطان أرطليب وفقه الله(25).
• بالرغم من أن قوات الاحتلال كانت تعتبر عملها في المغرب “عملا حضاريا”(26)،فإن ما كانت تقوم به في الواقع ليس سوى تجسيدا للمقولة القائلة :” الغاية تبرر الوسيلة”ن وهذا ما تؤكده بعض العمليات التي أدرجتها ضمن خطتها لاحتلال إقليم أزيلال والتي لاشك أن لها أمثلة كثيرة في باقي تراب الجهة وفي جهات أخرى من البلادومنها على سبيل المثال لاالحصر إحراق ممتلكات المقاومين كماحدث في منطقة سيدي علي بن ابراهيم بقبيلة بني عياط حسب التقريرالذي نشرته سلطات الاحتلال عن الحالةالسياسية والعسكرية بالمنطقةالفرنسية بالمغرب في منتصف شهر دجنبر 1915(27) ، وتدمير وإحراق قصبة آيت أوكوديد بضاحية أزيلال يوم 24 نونبر 1916،وتدمير المنازل واستخدام خشب تسقيفها في تدفئة قوات الاحتلال في منطقة بوصالح بآيت عتاب ليلة 02 دجنبر 1916(28)، واستمرار القصف الجوي في سنة 1919 للدواوير والأسواق وقطعان الماشية في منطقة الأطلس المتوسط(29)مع كل ما يترتب عن هذاالقصف من إتلاف الممتلكات المقاومين. وغير بعيد عن تراب منطقة أزيلال استولت قوات الاحتلال على 1.500 رأس من الغنم في منطقة قصبة تادلة كذلك،وعمدت في منطقة زايان إلى اختطاف النساء اللواتي لا يقع إرجاعهن إلى ذويهن إلا مقابل عدد معين من الأسلحة التي تم الاستيلاء عليها عن كل امرأة(30).
• غير أن أهم خصوصية طبعت الخطة العسكرية لاحتلال منطقةأزيلال تتمثل في غزو مختلف نقط هذه المنطقة من أكثر من واجهة خلافا لخطتها في احتلال الكثير من جهات البلاد،حيث يتم هذاالاحتلال عن طريق الهجوم على المدينةأو القبيلة من واجهةواحدة.والهدف المتوخى من وراءذلك هو تشتيت جهودالقبائل حتى يسهل على قوات الاحتلال إخضاعها، وتنطلق هذه القوات من الواجهتين معافي آن واحد بعد أن تكون القيادة العسكرية قد حددت مندالبداية مكانا معينا تلتقي فيه. ونعطي فيما يلي أمثلة عن هذه الخطة من نقط مختلفة من تراب إقليم أزيلال: ففي سنة 1913 وقبل أن تجرأ على التوغل داخل تراب الإقليم ، ضربت قوات الاحتلال موعدا لها في الجانب الغربي من تراب الإقليم عند قدم جبال هنتيفة،حيث التقت يوم 19ابريل 1913الفرقة المتنقلة لتادلة بقيادةالكولونيل مانجان بالفرقة المتنقلة لمراكشبقيادةاليوطنان كولونيل سافي بدار القائد مبارك على وادي العبيد(31). وفي أواخر سنة 1916 ضربت قوات الجنرال دولاموط القادمة من مراكش والتي انطلقت من تنانت وقوات الكولونيل أوبير التي انطلقت من بني ملال موعدا لها في أربعاء مولاي عيسى بن إدريس بقلب آيت عتاب حيث التقت يوم 5 دجنبر 1916(32).وفي شتنبر 1922 التقت الفرقة المتنقلة لمراكش بقيادة الكولونيل نوجس بالفرقة المتنقلة لتادلة بقيادة الكولونيل فرايدنبرغ في منطقةواويزغت عند احتلالها(33).وفي شهر مايو 1932 وقع الاستيلاء على منطقة آيت إصحا من طرف القوات الآتية من مراكش ومن تادلة (34).
أما عن الكيفية التي واجه بها مقاومو منطقة أزيلال خطة المستعمر لاحتلال ترابهم،فإن أهم ما تميز به رد فعلهم تجاه هذا المستعمر هو أنهم لم يتركوا المبادرة لقوات الاحتلال سواء وهو بعيد عن مواقعهم أو لدى اقترابه منهم أو داخل مجالهم الترابي. وهكذا فقد اجتمعت كلمتهم من أن وطأت أقدامه بلاد الشاوية وتوجهوا في حركات مهمة إلى بني مسكين لوقف زحف قواته،كما تصدوا له قبل أن يعبر نهر أم الربيع في مشرع سيدي صالح بأولاد إيلول وفي العين الزرقاء بأولاد عريف، وكانت مواجهتهم له أكثر عنفا في منطقة الدير ما بين بني ملال والكرازة، وازدادت ضراوتها في المعارك التي سبقت الإشارة إليها فوق ترابهم والتي سأعطي المزيد من التفاصيل عنها لاحقا.وكم من مرة باغتوه وهو يستعد للهجوم أو أثناء المواجهة،.فكانت خطتهم في محملها مبنية على السرعة في التحرك والمهارة في التنفيذ، وهذا ما سجلته تقارير العديد من الفرنسيين الذين شاركوا في هذه المواجهات أو تتبعوا مجرياتها. ويكفي لتلخيص الخطة التي واجه بها مقاوم منطقةأزيلال قوات الاحتلال أن نشير إلى ما جاء في كتاب “البربر المغاربة وتهدئة الأطلس المركزي” للجنرال كيوم الذي قال وهو يتحدث عن مقاومي الأطلس المركزي بصفة عامة والحق ما شهدت به الأعداء :”إن خصمنا هو أحسن محارب في شمال اقريقيا،بطبعه شديدالكراهية للأجنبي، شجاع إلى حدالمجازفة، يضحي بكل ما يملك ، بعائلته وأيضا وبكل سهولة بحياته في سبيل الدفاع عن حريته،يجد في طبيعة بلاده أحسن حليف له ، يعرف تمام المعرفة كل خبايا مسقط رأسه الذي لا يرضى بديلا عنهن يعرف بالفطرة كيف يستفيد من أدني ميزاته، نكون متفوقين عليه أحيانا من حيث العدد ودائما من حيث السلاح، ولكنه يعرف الآثار القاتلة لنيراننا ويحتاط لتعريض نفسه عبثا لخطرها، نادرا ما يوجد في وضعية تمدد عللا الأرض،يتميز بخفة قصوى وبحركية محيرة،في حين أننا نحن الذين تثقلنا تجهيزاتنا وأسلحتنا وذخيرتنا ، وتعرقلنا قوافلنا الجرارة نمنح هدفا رائعا لقد فاته المحكمة ن إن أنظمتنا التي يغتاظ البعض في فرنسا لعدم تطبيقها بدقة في المغرب تطال كسر لكل انتصار بالتركيز القوي للنيران، غير أن العدو هنا موجود في كل مكان ول وجود له في أي مكان ن وفي غالب الأحيان مختف عن الأنظار. فقبل أن يكون لجنود المدفعية والمشاة ما يسمح من الوقت لتصميم مخطط النيران وتنصيب وسائل الاتصال يقع شن الهجوم من المنطقة التي يكون توقعنا منها أقل وبكيفية مباغتة.وفي بضع لحظات تحاط فصيلة الجنود الموجودة في الطليعة وتصبح في متناول الخناجر ، ويتم اكتساحها أوالتصدي لها دون أن نتمكن من إبداء أية مقاومة، ويختفي المهاجم بسرعة بعد أن يكون أتى على الجرحى ونهب الأموال واستولى في كل مرة كغنيمة على الأسلحة والذخيرة. فإذا ما غامرت فرقة بأعداد غير كافية فإن الهجوم المكثف يكون عليها من جميع الواجهات من خصم يبحث دائما عن المواجهة جسما لجسم حيث لا يعوض تفوق أساحتنا أبدا خفته وسرعته الفائقة”(35).
وفي تحركاتها لمواجهة قوات الاحتلال لم تكن كل قبيلة من قبائل المنطقة تعمل بمعزل عن جارتها ن بل إن الاتصال كان قائما باستمرار بين القبائل والتشاور حاصلا بين زعمائها من أجل وضع وتنفيذ خطط المواجهة.والأمثلة التي تؤكذ ذلك كثيرة منها ما سجله العلامة محمد المختار السوسي من أن قبائل آيت عياط وآيت مصاض وآيت عتاب وغيرها اجتمعت حركاتها في المكان المسمى حميري في ناحية بني مسكين لمواجهة قوات الاحتلال النازلة في بلاد الشاوية(36)، ومشاركة قبائل آيت عتاب وآيت بوزيد وبني عياط وآيت عطا نومالو في معركة يوم 26 أبريل1913 بالعين الزرقاء بأراضي بني موسى(37)، والتحرك الجماعي لأتباع سيدي محا الحنصالي من قبائل آيا سخمان وآيت مصاض وآيت بوزيد وآيت عتاب وهنتيفة للزحف على دمنات عند سماعهم باحتلال ترابها ولمؤازرة الثائر ولعيد أوحساين ومن معه من آيت بوولي (38)،ومواجهة الفرقة المتنقلة لمراكش يوم 29 اكتوبر1916 في منطقة الزمايز من طرف مجاهدي القبائل المجاورةوفي مقدمتها قبائل آيت مصاد وآيت عتاب وآيت بوزيد وهنتيفة وآيت مازيغ وآيت إصحا وآيت عطا نومالو وعل رأس مجاهديها شيخ الزاوية الحنصالية سيدي امحا(39)وغيرها من المعارك التي عرفتها المنطقة والتي لا يستثنى من المشاركة فيها ضمن صفوف المجاهدين إلا القبائل الخاضعة التي يمنع عليها منعا كليا أي اتصال بالقبائل غير الخاضعة والتي تسميها سلطات الاحتلال بالقبائل المنشقة، ويؤكد هذا المنع عللا سبيل المثال الشرط الذي فرضه الجنرال دولاموط على ممثلي آيت عتاب خلال المفاوضات التي أجراها معهم يوم 7 دجنبر 1916 بأزيلال أي مباشرة بعد احتلال ترابهم(40).
أكثر من ذلك فإن زعماء قبائل منطقة أزيلال كانوا خلال هذه المرحلة يتشاورون حتى مع زعماءالقبائل المجاورة لتوحيد خطتهم والاتفاق فيما بينهم على ما تمليه المصلحة. وفي هذا الإطار يدخل الاجتماع الهام كما وصفته سلطات الاحتلال والذي عقده ممثلو جميع قبائل الناحية الجبلية لقصبة بني ملال في ربيع سنة 1915 بمناسبة إقامة موسم الوالي الصالح مولاي عيسى بن إدريس بآيت عتاب لمناقشة مسألة الهجوم على مراكز تلك السلطات خارج مواقعهم(41). وقد ثبت تشاور مجاهدي هذه المنطقة حتى مع بعض المناطق النائية كما تؤكد ذلك الرسالة الجوية التي بعث بها ممد بن عبد الكريم الخطابي زعيم ثورة الريف إلى سيدي احساين مقدم زاوية أحنصال التي أبلت البلاء الحسن في مقاومة الاحتلال الفرنسي بمناطق الأطلس الكبير الأوسط (42).ويذهب البعض غلى أن هذه المنطقة كانت ملتقى لأتباع عللا امهاوش والهيبة ماء العينين وموحا أوحمو الزياني ومبعوثي الريسوني اتبادل قسم الوفاء والأوامر الصادرة عن قيادتهم العليا (43).
ونتيجة لطلك فقد أفشل مقامو منطقة أزيلال الكثير من مخططات المستعمر وكبدوه خسائر جسيمة في الأرواح والعتاد . وأكبر دليل على ذلك بالرغم من الفارق الكبير في العدد والعدة، كما سيأتي ، أن احتلال التراب الحالي لإقليم أزيلال قد تطلب مدة تزيد عن 21 سنة . فما هو السر في هذه الخاصية التي يمتاز بها سكان هذه المنطقة وغيرهم من سكان الجبال المغربية. سؤال سبق أن طرحه الدكتور محمد زنيبر رحمه الله في ندوة مماثلة بمراكش وأجاب عنه إلى حد ما حيث قال : “بينت التجربة التاريخية المغربية أن كل الغارات الآتية من الخارج والهادفة إلى الاحتلال وجدت تسهيلات كثيرة في المناطق المنخفضة ن بينما عانت كل المصائب في الأراضي الجبلية” وبعد أن لاحظ أن”الجبال المغربية هي التي شرفها التاريخ بأن تكون مراكز نشيطة وفعالة في ممارسة المقاومة الوطنية المسلحة طوال ثلث قرن ضدا على الهجمة الاستعمارية الشرسة التي تواطأن من أجلها كل الدول الاستعمارية وفي طليعتها الدولتان الطامعتان في أسلاب المملكة الشريفة فرنسا وإسبانيا” وأعطى أمثلة عن بعض زعماء هذه المقاومة من الجبال المغربية ثم تساءل :”فهل يعني هذا أن سكان الجبال أشجع وأشد أنفة ونخوة من سكان السهول” تم أجاب:” قد يكون هنالك صفات تميز أولائك عن هؤلاء ، تظهر في التقاليد والعقلية والتربية والاعتياد على الخضوع والخوف من السلطة ن ولكن كل هذا لا يحدث أي تمايزات جوهرية بين الفريقين ن وكل ما هنالك هو أن الطبيعةهي التي تساعد الإنسان أو لا تساعده على أن يظهر شجاعته ومزاياه الحربية…وأما سكان الجبال فإن الطبيعة هي سلاحهم الأول وعدتهم التي يعتدون بها ن إذ تمنحهم مخابئ ومآوي ومكامن وحواجز، ولذلك أمكنهم أن يحرزوا انتصارات باهرة وبتضحيات قليلة” (44 ).
4- الوسائل المستخدمة في المواجهات بين قوات الاحتلال وبين مقاومي منطقة أزيلال:
إن طول المدة التي استغرقهااحتلال منطقة أزيلال وتفننت الأطراف المتحاربة في تنفيذخططهاالعسكرية خلال مواجهات دامت أزيد من عقدين من الزمن جعل كل طرف من هذه الأطراف يجتهد في تعبئة كل ما يتوفر عليه أو يستجد من الوسائل لكسب المعارك التي يخوضها ومنها ضمنها الوسائل البشرية بالطبع. وسنتناول هذه الوسائل بحسب كل طرف على حدة ، على أنه يجب التأكد مند البداية على أنه لا مجال للمقارنة بينهما لأنه لا مجال للمقارنة بين دولة استعمارية كبرى ذات إمكانيات بشرية هائلة تلقت الفنون الحربية في المدارس المختصة وتدريبا عاليا ولها وسائل مادية ضخمة ومتطورة، دولة أعدت عدتها وهيأت نفسها بما فيه الكفاية لهذه المواجهات وبين مجموعة من القبائل كانت تعيش في عزلة هادئة مطمئنة ولا تعتمد إلا على إمكانياتها المادية والبشرية المحدودة.
أ- الوسائل المستخدمة من طرف قوات الاحتلال :
كما سبقت الإشارة إلى ذلكن فإن احتلال منطقة أزيلال لم يتم خلال هجمة أو معركة واحدة ن وإنما على مراحل ن وفي كل مرحلة تلجأ قوات الاحتلال إلى الزحف على أهم القبائل والمراكز من واجهتين اثنتين على الأقل، تقوم بالحملة في كل واجهة منها فرقة تسمى الفرقةالمتنقلة وتساندها مجموعة من حركات القبائل الخاضعة.ولتكوين فكرة شمولية عن الوسائل التي استخدمتها هذه القوات في هذه الحملات أو “الصوكة”حسب التعبير القديم ، سنعطي مثالين ، يتعلق المثال الأول بالإمكانيات التي تمت تعبئتها لاحتلال قبيلة آيت عتاب في شهر دجنبر 1916،والثاني عن الوسائل التي تم تجنيدها لاحتلال مركز واويزغت في شهر شتنبر 1922، وكلاهما تم احتلالهما من لدن الفرقة المتنقلة لتادلة القادمة من بني ملال والفرقة المتنقلة لمراكش القادمة من خميس آيت مصاض أوأزيلال.
وقبل ذلك نشير إلى أن الجنرال كيوم قد حدد العناصر البشرية والمادية التي تتكون منها الفرقة النموذجية على مستوى الأطلس المركزي الذي تشكل منطقة أزيلال جزءا منه كالتالي:
– ضابط جنرال أوضابط سام ، قائد للفرقة المتنقلة ،
– قيادة عليا تتكون من 3 أو 4 ضباط،
– 6إلى 7 كتيبات(Bataillons) ،
– فرقة 6فرسان ((cavaliersتتألف من فرقتين اثنتين(Escadrons)،
– فرقة واحدة إلى فرقتين من سلاح المدفعية (ومدفعية(Artillerie 65م و75س،
– سرب إلى سربين اثنين من الطائرات ((Escadrille،
– فرقتان أو 3 فرق من القوات الإضافية (حركات) تشتمل كل واحدة منها على وحدة للكوم وعلى بضع مئات من المخازنية والمساندين،
– مصالح الاتصالات اللاسلكية والصحة والنقل والمصالح البيطرية والخزينة والبريد والشرطة العسكرية وغيرها ، أي ما مجموعه في المعدل 6.000 إلى 7.000 جندي من القوات النظامية و2.500 إلى 3.000 من الحيوانات(45).
وبالفعل فإن هذه التشكيلة تنطبق على الفرقة المتنقلة لمراكش التي احتلت قبيلة آيت عتاب من الناحية الشرقية بقيادة الجنرال دولاموط قائد ناحية مراكش،ذلك أن أحد ضباط الصف الذي كان مرافقا لهذه الفرقة أفاد بأنها كانت تتكون من 1341 جنديا فرنسيا و 1181 جزائريا وسينغاليا و1972 جنديا مغربيا ونظاميا بالإضافة إلى من سماهم ب” أبناء البلد” وعددهم 7.000 جندي بقيادة المدني الكلاوي وقائد هنتيفة عبدالله أوشطو وصالح أوراغ . ويصل ما تتوفر عليه هذه الفرقة من حيوانات إلى 2.300 من البغال والخيول(46).وكانت القيادة العليا لهذه الفرقةالتي يرأسها الجنرال دولاموط تضم ضباطا كباراأمثال القبطان شاردون والقبطان رافيي والقبطان دوميليير واليوطنان بواسون دوشازون واليوطنان كوادي والترجمان الكسكري كولياك. ويوجد على رأس وحدتها الكومندار بولي،والكومندار بييت ،والكومندار مانيو،والكومندار بلانشي،والكومنداربويسان، والقبطان كاب دوفيل،والقبطان بورو،والقبطان مونطاني،والقبطان دولوستال،والقبطان برفادو فريسنيل،والقبطان لوات،والقبطان بوشي،والقبطان فوجرون،والقبطان ريشير،والقبطان شاسور،والقبطان رروجير، والقبطان دوفنتر، والقبطان دونطار،والقبطان ماسوس، والقبطان سيموني،والقبطان جييت، والطبيب الرئيسي رابافوي(47).ومن بين هؤلاءالضباط من عهد له بالإشراف على حركات القبائل المساندة أمثال القبطان شاردون.
ونفس الشيء يقال عن الفرقة المتنقلة لتدلةالتي احتلت آيت عتاب من الناحية الشماليةالغربية برئاسة الكولونيل أوبير،وكان يقود عملياتها ضباط كبارأمثال بوايي دولاتور الذي أصبح فيما بعد جنرالا فمقيما عاما . وقد كانت هذه الفرقة تضم 3.500 رجل و4 كتائب وسريتان اثنتان و3 بطاريات (48)،وتساندها فرقة الكوم بدار ولد زيدوح وحركة بني موسى المساندة وغيرها.
أما الإمكانيات البشرية والمادية التي جندتها قوات الاحتلال لغزو مركز واويزغت من واجهتي بني ملال وأزيلال فقد حصرها “جوستاف بابان” في نحو 25.000 رجل منهم 10.648 من القوات النظامية و13.000 مساند حسب المذكرة التي زودته بها القيادة العليا للجنرال دوكان (49). وفي تفصيله لهذه الإمكانيات أوضح جوستاف بابان أن الوحدة المتنقلة لمراكش تتكون من123ضابطاو4.714 رجلا (3.042 من المشاة و321 فارسا و 465 من سلاح المدفعية)و 11.000 مسانداأهلياو723 جوادا و 1.823 بغلا.وتوج رهن إشارتهاستة طائرات بالإضافة إلى وحدتين صحتين.ويتكون المساندون الذين وضعوا تحت أوامرالقبطان شاردون من خمس حركات،على الشمال حركةآيت عتاب (100 فارس و1.000 من المشاة) وعلى اليمين حركةعبد الله أوشطو قائدهنتيفة(100 فارس و500 من المشاة) وفي الوسط فرقة أخرى من آيت عتاب(500 من المشاة و50 من الفرسان)وحركة آيت أوتفركل (50 فارسا و 200 من المشاة) وفي الخلف حركة صالح أوراغ خليفة أوشطو (50)، في حين أن الفرقة المتنقلة لتادلة تتكون من 133ضابطا و 5.678 رجلا منهم 3.397 من المشاة و 473 فارسا و1.042 من سلاح المدفعية و 2.000 مساند و784 جوادا و 2.448 بغلا ن ومساندوها من سهل تادلة بقيادة الباشا سي بوجمعة الذي التحق به التهامي الكلاوي(51).
وقد وضعت كل هذه القوات تحت أوامر فريق للعمليات والفرقة المتنقلة لمراكش والفرقة المتنقلةلتادلة. ويتكون فريق العمليات من الجنرال دوكان قائد هذه العمليات ورئيس الكتيبة جيرو كقائد للأركان،ورئيس الكتيبة أورتلياب رئيس مصلحة المخابرات ،والقبطان بوسكاط المكلف بالربط مع الطيران.
وتتكون قيادة الفرقة المتنقلة لمراكش مما يلي:
الكولونيل نوجس قائد الفرقة المتنقلة،
رئيس الكتيبة كوسبي قائد الأركان،
المشاة: اليوطنان كولونيل موريل ، رئيس الكتيبة دوباسكال، رئيس الكتيبة كوندي،
رئيس الكتيبة توسان، رئيس الكتيبة طايميت، رئيس الكتيبة لاميير، رئيس الكتيبة دوكورطا،
سلاح المدفعية (3 بطاريات): رئيس السرايا بيرني،
الفرسان (سريتان):رئيس السرايا دوبوشينن، القبطان مازويير، القبطان نوريسا،
الهندسة المدنية : القبطان فرومون،
الطيران(1سرب): القبطان ناهل،
الاتصالات اللاسلكية: اليوطنان ميجي،
أما قيادة الفرقة المتنقلة لتادلة فتتكون مما يلي :
الكولونيل فريد نبرغ : قائد الفرقة المتنقلة،
اليوطنان كولونيل كراسي، مساعد،
القبطان بلفور: قائد الأركان،
المشاة:رئيس الكتيبة ميكال،رئيس الكتيبة بيرطون،رئيس الكتيبة تورين،رئيس الكتيبة ستيفاني،رئيس الكتيبة روناكير، ورئيس الكتيبة مينيكوز،
الفرسان: رئيس السرايا دولاموت(وهو غير الجنرال دولاموط)،القبطان بواسان ديكول،القبطان كودي،القبطان بورنول،
سلاح المدفعية : رئيس السرايا لانكلي،
الهندسة المدنية : اليوطنان كوبير،
الطيران: القبطان ليهيدو،
الاتصالات اللاسلكية : اليوطنان واران(52).
ب- الوسائل المستخدمة من لدن مجاهدي منطقة أزيلال:
لا نتوفر على إحصائيات دقيقة عن الإمكانيات البشرية التي كان تتوفر عليها منطقة أزيلال عشية احتلالها خلال العقود الثاني والثالث والرابع من هذا القرن.غير أنه يمكن إعطاء فكرة تقريبية عن تلك الإمكانيات اعتمادا على المعلومات التي دونها الجواسيس الأجانب على إثر زيارتهم للمنطقة في نطاق التمهيد لاحتلال المغرب بوجه عام ، وكذا على التعداد السكاني الذي قامت به إدارة الحماية خلال المرحلة التي نعنينا.
فحسب المعلومات التي وفرها الراهب شارل دوفوكو لسلطات الاحتلال على إثر زيارته للمنطقة في أواخر شهر شتنبر وأوائل شهر أكتوبر 1883 تستطيع كل قبيلة من القبائل المستوطنة في المنطقة أن تجند الوسائل البشرية التالية:
– آيت بوزيد : 1000 من المشاة و300 فارس،
– آيت عتاب : 1200 من المشاة و300 فارس،
– فم الجمعة بهنتيفة : اكتفى بالإشارة إلى أن عدد سكانها كان يبلغ 1.500 نسمة ،
– دمنات: 3000 نسمة،
– آيت مساط: يتكونون من آيت إصحا وآيتا محمد وآيت أوتفركل ، وهذه القبيلة الأخيرة تتفرع إلى آيت أوكوديد وآيت عبد الله وإبراغن: في استطاعتهم تعبئة 4000 من المشاة و200 إلى 500 فارس،
– آيت عياض : 1000 من المشاة و100 فارس،
– ابزو: 1500 نسمة(53)،
وبطبيعة الحال فإن سكان المنطقة كانوا وقتئد يتكونون من المسلمين واليهود ن وقد حدد شارل دوفوكو نفسه عدد هذه الفئة الأخيرة كالتالي :
– آيت عطا نومالو(آيت واقدير ، أحد آيت عباس، إيقادوسن): 35 عائلة ،
– آيت عتاب (آيت واقدير ، أحد آيت عناب، إيقادوسن): 100 عائلة،
– آيت عياض: 20 عائلة ،
– هنتيفة (فم الجمعة ، ابزون تيزوكناتين، الدشرة ، تابيا): 105 عائلة،
– آيت بوولي- آيت ابراهيم : 30 عائلة ،
– آيت بوكماز – آيت أورياض: 15 عائلة ،
– بوحرازن : 20 عائلة ،
– آيت تاكلا: 20 عائلة ،
– دمنات (دمنات- تيديلي- آيت ماجضن- لحمدتنة): 320 عائلة(54).
وحسب الإحصاء الذي انجزته سلطات الاحتلال في 8 مارس 1931 أي قبل انتهائها من احتلال كل تراب منطقة أزيلال ، فإن عدد سكان هذه القبائل الأخيرة كان كالتالي:
– قبيلة فطواكة : 28.267 نسمة ،
– قبيلة ولتنانة : 35.829 نسمة ،
– قبيلة آيت عتاب : 17.522 نسمة ،
– قبيلة آيت إصحا : 6.950 نسمة (قبيلة غير خاضعة)،
– قبيلة آيا أوكوديد: 1.903 نسمة ،
– قبيلة آيت أوتفركل : 5.959 نسمة ،
– قبيلة هنتيفة : 45.563 نسمة ،
– قبيلة آيت بوكماز : 6.210 نسمة ،
– قبيلة آيت بويكنفين تالمست : 1.800 نسمة ،
– قبيلة آيا امحمد : 6.002 نسمة ،
– قبيلة آيت ونير: 1.083
– قبيلة آيت حمزة : 3.022 نسمة ،
– قبيلة آيت مازيغ ك 1.435 نسمة ،
– قبيلة بني عياط : 7.396 نسمةن
– قبيلة آيت سعيد أوعلي : 2.529 نسمة،
– قبيلة آيت أولغم : 2.098 نسمة ،
– قبيلة آيا أومكدول : 2.109 نسمة ،
– قبيلة آيت ونير : 1.680 نسمة ،
– قبيلة آيت سعيد أ ويشو : 1.255 نسمة ،
– قبيلة آيت تيملشت ك 1.294 نسمة ،
– قبيلة آيت تموليلت: 2.018 نسمة(55).
أي أن مجموع سكان منطقة أزيلال كان يفوق وقتئذ 180.000 نسمة مع ملاحظة أن قبيلة آيت ونير ورد ذكرها في هذا الإحصاء مرتين دون توضيح ما إدا كان الأمر يتعلق بقسمين مختلفين من هذه القبيلة .
يتضح من خلال هذه الإحصائيات أن منطفة أزيلال كانت تتوفر على إمكانيات بشرية لايستهان بها.وبالإضافة إلى هذه الإمكانيات الذاتية كان سكان منطقة أزيلال خلال مواجهتهم لقوات الاحتلال فوق ترابهم يتلقون الدعم من جيرانهم في المناطق الجبليةغير الخاضعين ولا سيما من قبائل آيت يسري وآيت سخمان الشرقيين ن وآيت عطا بالصحراء لأن سكان السهل أصبحوا قبل أن تنتقل المعارك إلى جبال أزيلال خاضعين لقوات الاحتلال.إلا أنه يلاحظ أن بعض سكان القبائل الخاضعة ممن لم يرضوا بالمستعمر قد فروا إلى تلك الجبال وواصلواكفاحهم المسلح إلى جانب إخوانهم الصامدين في وجه قوات الاحتلال. وينطبق هذا الأمر على سكان سهل تادلة ، كما ينطبق على سكان قبائل أزيلال نفسها،ومن الأمثلة على ذلك أن بوزكري بن خلوق من قبيلةآيت الربع قد فرإلى جبال أزيلال وواصل مقاومته لقوات الاحتلال، وانضمت إليه جماعة إليه جماعة تتكون من سبعةأفراد(56).وما أشارت إليه جريدةالسعادة من أن الفرقةالمتنقلة لتادلة قد مرت في سابع يوليوز1916 على أولاد عيسى وأولاد مبارك الذين هربواإلى الجبل(57).وعلى مستوى منططقة أزيلال احتفظت إحدى الروايات الشفوية على سبيل المثال باعتصام عدد من سكان قبيلة هنتيفة عندما غلبواعلى أمرهم في مواطنهم لدى القبائل المجاورة لهم مثل تاغرارت بالعثامنة وآيت تاكلا وأزيلال وآيت عتاب (58)، كما ذكرت إحدى المصادر أن جميع سكان مركز واويزغت قد فروامنه لدى احتلاله في شهر شتنبر 1922 إلى ما وراءه من بلاد آيت عطا نومالو وآيت مصاض وآيت سخمان.ولم تجد قوات الاحتلال عند دخولها إلى هذا المركز سوى شخصين اثنين أحدهما هو القائد محمد يمثل المسلمين والثاني هو مخلوف مالكاالذي يمثل اليهود، ومن غريب الصدف أن هذين الشخصين لم يكونا على التوالي سوى ابن وحفيدالشخصين اللذين استقبلاالراهب شارل دوفوكو عند زيارته لواويزغت في خريف سنة 1883م(59).
ويمكن الإشارة في هذا الصدد إلى فرار بعض الجنود النظاميين من صفوف قوات الاحتلال إلى المنطقة ، وهذا ما أكده الجنرال دولاموط خلال مفاوضاته يوم 7 دجنبر 1916 بأزيلال مع ممثلي سكان قبيلة آيت عتاب حيث طلب منهم تسليم أحد الجنود الفارين إلى آيت عتاب دون أن يعترفوا له بوجوده بينهم (60). وبطبيعة الحال فإن كل هذه العناصر كانت تعزز إمكانياتهم البشرية.أما عن الوسائل المادية فإنها تبقى محدودة،ولا تخرج معظمهاعن الأسلحة التقليدية مثل الخناجر وبوحبة وبوشفر وبوحفرة والثلثية والخماسية والتساعية وغيرها من الأسلحة ذات الصنع المحلي أو التي يتم الحصول عليها من مصادرمختلفة،ومن بين هذه المصادر شراء الأسلحة الرائجة في السوق أو الممكن جلبها مند سنة 1916،إلا أن الثروة التي كانت تتوفرعليها قبيلة آيت عتاب مثلا تملك تسمح لسكانها “بامتلاك الأسلحة الأكثر تطورا والذخيرة الضرورية ” (61)،بالإضافة إلى ما يغنمه هؤلاءالسكان من أسلحة وذخيرة من قوات الاحتلال خلال مواجهتهم معها سواء فوق تراب المنطقة أو خارجها. ومما يدل على أهمية الأسلحة التي تأتي عن طريق هذه القناة أن الجنرال دولاموط خلال مفاوضاته مع ممثلي سكان آيت عتاب طرح في مقدمة شروطه إرجاع البنادق من نوع 86 والتي سلبت من قوات الاحتلال(62)، كما لاحظ القبطان كورني بأن إحدى النساء المجاهدات التي استشهدت في معارك سيدي علي بن ابراهيم بقبيلة بني عياط أيام 27-28-29 أبريل 1913،وجدت ومعها في حمالتها مزودة مليئة بالرصاص يدل الرقم المتبث عليه أنها سلبته من جندي سنغالي قتل في سنة 1910 في تادلة خلال الحملة التي قادها الكولونيل أوبير(63).
وبهذه الإمكانيات البشرية والمادية استطاع مجاهدو منطقة أزيلال الصمود في وجه قوات الاحتلال وأن يجعلوا زحفها يسير سير السلحفاة فوق ترابهم لمدة تزيد عن 21 سنة في دائرة لا يتعدى قطرها كيلومتر، تساعدهم في ذلك وبنصيب مهم طبيعة أراضيهم التي عرفوا كيف يستغلونها إلى أقصى الحدود.ومع ذلك فإن المستعمر إذا استطاع أن يبسط نفوذه في آخر المطاف على هذه المنطقة فليس السبب في ذلك كله يرجع إلى الإمكانيات البشرية والمادية الهائلة التي سخرها أو كان يتوفر عليها ، وإنما هناك عناصر أخرى يجب إدخالها في الاعتبار ومنها على وجه الخصوص :
إن مشاركة سكان قبائل منطقة أزيلال في المعارك التي دارت خارج مجال ترابهم مند سنة 1908 وداخل هذا المجال خلال الفترة من سنة 1912 إلى 1933 حيث تعددت أمامهم الجبهات وتدخل السلاح الجوي بشكل مكثف إلى جانب السلاح الأراضي قد ساهم تدريجيا في إنهاك قواهم وإضعاف إمكانياتهم المادية المحدودة التي تقابلها إمكانيات بشرية ومادية متطورة وتتجدد باستمرار،
بموازاة غزوها المسلح لجأت سلطات الاحتلال إلى سياسة إغراء العديد من أعيان قبائل المنطقة وذوي السلطة الزمنية فيها ورجال الدين ذوي النفوذ الروحي على سكانها، وبذلك استطاعت أن تضم إلى صفوفها مقاومين كبار، وقبل ذلك أن تتقي شرهم بعد أن ذاقت منهم الأمرين ، واستطاعت من خلالهم وبمساعدتهم أن تبسط نفوذها على مجموعة من القبائل آو أجزاء القبائل بأقل كلفة ممكنة . كما كانت أكثر تشددا في قطع الاتصال بين القبائل الخاضعة والقبائل غير الخاضعة لتفادي أي شكل من أشكال التعاون بل وحتى التفكير في هذا المجال.
وإلى جانب جيشها النظامي والذي توجد ضمنه عناصر من القبائل الحديثة العهد بالخضوع ن فقد استعانت قوات الاحتلال في غزوها للمنطقة بمن كانت تسميهم بالقوات الإضافية أو المساندة والتي تتكون في معظمها من أبناء هذه المنطقة،وعددهم كما سبقت الإشارة إلى ذلك على سبيل المثال 7.000 مساند ضمن الحملة التي احتلت خميس آيت مصاض وآيت عتاب في سنة 1916و13.000مساند في الحملة التي احتلت مركز واويزغت في سنة 1922.ولذلك فإن الحسم في احتلال هذه المنطقة لم يكن للقوات النظامية الفرنسية وإنما كان يرجع بالأساس إلى ضرب المغربة بإخوانهم المغاربة أو أبناء البلد كما كان يسميهم بعض الفرنسيين وهذا ما تؤكده لائحة الضحايا الذين سقطوا في المعارك التي شهدتها المنطقة والذين سنعطي فكرة عنهم في استعراضنا لأهم المعارك التي ساهم فيها سكان المنطقة خلال هذه المرحلة ن وهذه هو موضوع البحث الثاني الذي سيتم عرضه في مرحلة قادمة إن شاء الله.
مقال من إعداد : المرحوم عيسى العربي ، قام بتقديمه للقراء السيد ب.ملمون
****
المراجع بالعربية :
(1)- الجريدة الرسمية عدد 4654 بتاريخ 7 يناير 1999 صص: 55- 56-57
(2)- عيسى العربي : مقاومة سكان قبيلة آيت عتاب ضد الاحتلال الفرنسي (1908-1956) صص 104-105 والمراجع المشار إليها في هامش الصفحتين الذكورتين.
(3)- المقرر المقيمي المؤرخ في 26 نونبر 1926 والمتعلق بإعادة التنظيم الترابي للمغرب (الجريدة الرسمية باللغة الفرنسية عدد 737 بتاريخ 7 دجنبر1926).
(4)- مقررا الوزير المنتدب لدى اإقامة العامة المؤرخان في 11 أبريل 1933 والمتعلقان بإعادة التنظيم الترابي والإداري لمقاطعة تادلة وناحية مراكش (الجريدة الرسمية بالفرنسية عدد 1069 بتاريخ 21 ابريل 1933 ، صص: 367-368-369-370).
(6)- عيسى العربي : مرجعه السالف الذكر ، صص :55 -77- الجنرال كيوم : مرجعه السالف الذكر، ص:136.
(8)- عيسى العربي : مرجعه السالف الذكر ،صص: 55 إلى 58 والمراجع المشار إليها فيه.
(9)- محمد المعزوزي وهاشم بن الحسن العابدي العلوي: الكفاح المغربي المسلح في حلقات، ص:55.
(10)- عيسى العربي : مرجعه السالف الذكر ، ص: 84- الجريدة الرسمية باللغة الفرنسية عدد 217 بتاريخ 18 دجنبر 1916.
(11)- محمد المعزوزي وهاشم بن الحسن العابدي العلوي: الكفاح المغربي المسلح في حلقات، ص:55.
عيسى العربي: مرجعه السالف الذكر، ص: 97 والمراجع المشار إليها في هامش الصفحة.- (13)
(14)- محمد المعزوزي وهاشم بن الحسن العابدي العلوي: الكفاح المغربي المسلح في حلقات، ص:176.
(15)- نفس المرجع أعلاه.
(16)- عيسى العربي : مرجعه السالف الذكر ، ص:76.
(17) – عيسى العربي: مرجعه السالف الذكر ، ص: 43
– أحمد التوفيق : المجتمع المغربي في القرن 19(إينولتان) صص: 73-38
(18)- عيسى العربي: مرجعه السالف الذكر ، ص: 51.
– محمد المعزوزي وهاشم بن الحسن العابدي العلوي: مرجعهما السالف الذكر ، ص:55 (19)
– جان لويس : مرجعه السالف الذكر وكذا الروبورتاجات التي نشرها في 25 حلقة بجريدة “لافيجي ماروكان” ابتداء « colonne chez les Chleuh » ou «Vers la neige et les Chleuh » من 21 أكتوبر 1916 تحت عنوان :
– جوستان بابان : مرجعه السالف الذكر ، صص: 10-21-116-164.(20)
(21)- الجريدة الرسمية باللغة الفرنسية عدد 1053 بتاريخ 30 دجنبر 1932، ص: من 1474إلى 1477 وعدد 1073 بتاريخ 19 مايو 1933 ، ص: 433.
(22)- الجنرال كيوم : مرجعه السالف الذكر ، ص: 100.
(23)- عبد القادر السكاك : مجلة المقاومة وجيش التحرير ، عدد 24 لسنة 1990، ص: 25.
(24)- محمد المعزوزي وهاشم بن الحسن العابدي العلوي: مرجعهما السالف الذكر ، ص:55
– عيسى العربي : قبيلة آيت عتاب : السكان وحياتهم الدينية عبر التاريخ ، ص: 336.
(25)- عيسى العربي: مرجعه السابق ، ص: 179 به صورة من هذا الخطاب مع ترجمته إلى الفرنسية.
(26)- عيسى العربي : مقاومة سكان قبيلة آيت عتاب ضد الاحتلال الفرنسين ص: 48.
(27)- الجريدة الرسمية الفرنسية عدد 165 بتاريخ 20 دجنبر 1915، ص: 922.
– محمد المعزوزي وهاشم بن الحسن العابدي العلوي: مرجعهما السالف الذكر ، ص:60. (29)
(30)- عيسى العربي : مقاومة سكان قبيلة آيت عتاب ، صص: 48-49 والمراجع المشار إليها في هامش هذين الصفحتين.
(31)- عيسى العربي : مرجعه السالف الذكر ، ص: 54.
– الجريدة الرسمية بالفرنسية عدد 38 بتاريخ 18 يوليوز 1913.
– الجترال كيوم : مرجعه السالف الذكر ، ص: 136.
(32)- عيسى العربي : مرجعه السالف الذكر ، ص: 77.
– جريدة السعادة الصادرة بتاريخ 12 دجنبر 1916.
– الجريدة الرسمية باللغة الفرنسية عدد 217 بتاريخ 18 دجنبر 1916، ص: 1174.
(33)- عيسى العربي : مرجعه السالف الذكر ، صص: 152-202-204.
(34)- محمد المعزوزي وهاشم بن الحسن العابدي العلوي: مرجعهما السالف الذكر ، ص:59.
(35)- عيسى العربي: مرجعه السالف الذكر ، ص12.
– علال الخديمي : بعض مميزات المقاومة المغربية للأحتلال الفرنسي يالشاوية وجبال الأطلس- أعمال ندوة المقاومة بمراكش، صص: 92-93.
(36)- عيسى العربي : مرجعه السالف الذكر ، ص: 51.
– محمد المختار السوسي : المعسول ن ج12، ص: 142.
(37)- الكولونيل فوانو: مرجعه السالف الذكر ، ص: 166.
– عيسى العربي: مرجعه السالف الذكر، صص: 54-55 والمراجع المشار إليها بهامشها.
(38)- عيسى العربي: مرجعه السالف الذكر، ص: 68 والمراجع المشار إليها في هامش الصفحة.
– جريدة السعادة الصادرة بتاريخ 7 يونيو 1916.(39)
(40)- عيسى العربي: مرجعه السالف الذكر، صص: 92-93 والمراجع المشار إليها بهامش هاتين الصفحتين.
(41)- الجريدة الرسمية بالفرنسية ، عدد 128 بتاريخ 5 ابريل 1915، ص: 176.
(42)- محمد أوجامع: رسالة محمد بن عبد الكريم الخطابي إلى زاوية أحنصال، قدم موجزا لها في ندوة المقاومة المسلحة المغربية (1900-1934) التي نظمتها كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش بتعاون مع المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بمراكش يومي 28 و30 نونبر 1990 ، ص: 105، نشر المندوبية السامية سنة 1993.
(44)- الدكتور محمد زنيبر: نصان عن مقاومة الدار البيضاء والشاوية في سنة 1907، نفس الندوة السالفة الذكر، صص: 53-54.
(45)- الجنرال كيوم : مرجعه السالف الذكر ، ص: 101.
– عيسى العربي : مرجعه السالف الذكر ، ص: 79.
– الجنرال كيوم : مرجعه السالف الذكر، ص: 171.(48)
(49)- جوستان بابان: مرجعه السالف الذكر، ص 196.
(50)- المرجع السابق، صص: 11-116.
(51)- المرجع السابق، صص:12-164.
(52)- المراجع السابق ذكرها ، صص:201-206.
(54)- المرجع السابق لشارل دوفوكو ، ص: 401
(56)- محمد المعزوزي وهاشم بن الحسن العابدي العلوي: الكفاح المغربي المسلح في حلقات، ص:59.
(57)- جريدة السعادة عدد 1278 بتاريخ 16-17يوليوز 1916.
(58)- عبد القادر السكاك : مجلة المقاومة وجيش التحرير عدد 27/1991ن ص: 31.
(59)- جوستاف بابان : مرجعه السالف الذكر بمجلة فرنسا- المغرب.
(60)- جان لويس : مرجعه السالف الذكر بمجلة فرنسا-المغرب.
– جان لويس : جريدة لافيجي ماروكان الصادرة يوم 27 دجنبر 1916.
– جان لويس : مرجعه السالف الذكر بمجلة فرنسا-المغرب. (62)
La conquête du Maroc Sud avec Mangin, P : 263 (63)- القبطان كوربي:
*****
المراجع بالفرنسية :
(5) (Général A. Guillaume: Les berbères marocains et la pacification de l’Atlas Central(1912-33 -1933.Croquis°9
(7) Comité de l’Afrique Française : La pacification du Maroc1907-1934,P:52-
Comité de l’Afrique française : Renseignements coloniaux et documents, P :129-
(12)- Gustave Babin M : La mystérieuse Ouaouizert, Casablanca 1923.
(14)- ، Le Comité de l’Afrique Française et le Comité du Maroc, Renseignements coloniaux, 7 Juillet1936, P : 135.
(16)– Jean Louis : Le pays des Ait Attab, Bulletin de la Société Géographique du Maroc, n°2 , Octobre , Novembre , Décembre 1916.
(18)- Gustave Babin M : La mystérieuse Ouaouizert, p : 188.
(28)- L.C Voinot : Sur les traces glorieuses des pacificateurs du Maroc, P : 236.
– J.Jean Louis : En Colonne chez les Chleuh/ La Vigie Marocaine, Décembre 1916-XXI
(35)- G.A.Guillaume : les berbères marocains et la pacification de l’Atlas Central, P : 80.
(40)- J.Jean Louis : Revue France –Maroc, n°3, Mars 1917, P : 2 ;
– Coliac : Revue France-Maroc, n°7, Juillet 1920, P : 148.
(43)- J.Jean Luois : Supplément de la revue ‘’L’Afrique Française ‘Aout, 1917, P:191.
(46)- J.Jean Luois :Supplémentde la revue ‘’L’Afrique Française ‘’Juillet–Aout,1917,P:191.
– J.Jean Luois : Bulleti de la Société Géographique du Maroc, n°2, Octobre –Décembre 1916
(47)- J.Jean Louis : En Colonne chez les Chleuh/ La Vigie Marocaine du 24 Novembre 1916.
(53)- Vicomte.Ch de Foucauld, Reconnaissance du Maroc, édit.188, pp:73à77 et 264-265-266.
(55)- Résultats statistiques du recensement de la population de la zone française de l’Empire Chérifien, effectué le 8 Mars 1931.
(61)- J.Jean Louis :Supplémentde la
أرشيف المدونة الإلكترونية
الجمعة، 1 يناير 2016
مقاومة الفرنسيين في ازيلال
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Ait bouzidبوابة ازيلال- افورار: واويزغت
Ait bouzidبوابة ازيلال- افورار: واويزغت : Farid Aabid دراسة حول واويزغت من إنجاز: هشام بويزكارن. ماستر التاريخ والتراث الجهوي مقدمة: تهدف...
-
يعتبر برتقال أفورار (نسبة إلى مكان اكتشافها )نتاج صدفة ، وكان دالك سنة1964بالمعهد الوطني للبحث الزراعي وما يميز هده الفاكهة انها عديمة ا...
-
لأزمات الداخلية و هاجس إقتراب المستعمر من النقود الترابي للقبيلة - الحلقة 3 و في 30 غشت 1918 اجتمع مندوبو قبائل آيت عطا نومالو و آيت سخمان ...
-
Farid Aabid دراسة حول واويزغت من إنجاز: هشام بويزكارن. ماستر التاريخ والتراث الجهوي مقدمة: تهدف هذه المحاولة العلمية المتواضعة إلى الكشف ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق