حمد ونناش
ترجع بعض الكتابات ،تاريخ تأسيس الزاوية الحنصالية إلى القرن 13 عشر ،ليتسع نفوذها فيما بعد ،لتؤسس لها عدة فروع بجهة تادلا أزيلال.وهي أصل القبائل المتصارعة عبر التاريخ حول المراعي الفلاحية.فمن الناحية التضاريسية ،فالزاوية الحنصالية ،عبارة عن أراضي جبلية ،تتضمن فجاجا عميقة “تيزي”،وتقع في قلب الأطلس الكبير، في منطقة تسمى “اكديم ” طقسها بارد فصلي الخريف والشتاء ،ودافئ في فصلي الربيع والصيف ،مما جعلها قبلة للسياح في عصرنا الحالي ،وتشييد مركز للسياحة الجبيلة بالقرب منها في “تبانت..يحدها شمالا جماعة” تيلوكيت” .والتي تهمنا في الصراع الدائر ،وتبلغ مساحة زاوية أحنصال حسب بعض الدراسات إلى أزيد من 1000 متر مربع ،ينتسبون إلى ثلاثة قبائل رئيسية هي ، “ايت عبدي ،”احنصال “وايت عطا “هذه الأخيرة التي نشبت بينها وبين قبيلة “ايت اصحا” التابعة لتلوكيت ” نزاعات قبلية في الآونة الأخيرة ،بسبب المراعي ،أدت إلى مواجهات استعملت فيها الهراوات والبنادق التقليدية ،وقد عقدت عدة لقاءات للحد من هذه المواجهات آخرها ،الاجتماع الذي تم بالغرفة الفلاحية بإقليم أزيلال ،بين ممثلي االقبيلتين للتوصل إلى هدنة بين الطرفين .و”ايت عطا “قبيلة صنهاجية ،تأسست بالجنوب ،بزعامة “دادا عطا”ضمن اتحادية ،تشكلت بعد الزحف الخارجي ،كأحلاف للدفاع عن مراعيهم الجبلية ،التي أصبحت ملاذا للوافدين من الجنوب الصحراوي ،بعد الأزمة التي شهدها المغرب في القرن 14 .كانت بداية الاتحادية ،تشييد قصر “أمزدار” وهو عبارة عن مخزن للغلات ،حفاظا على منتوجهم السنوي وماشيتهم ،وبالتالي نواة لاستقرار وتكتل جماعي ،فيه.تقوى هذا الحلف بعد انضمام قبائل “صغرو “إليه ،استطاعت قوته أن تضم باقي المراعي المجاورة.مما أدى إلى مواجهات دموية بين قبائل “ايت حديدو” الجبلية الحدودية .
وفي المقابل ظهرت اتحادية”ايت مصاض ” التي تعتبر أزيلال المعقل الرئيسي والحضاري لها ،والتي تنضوي تحتها قبائل ،ايت محمد” التي تجمع قائل أخرى دخيلة أهمها ” ايت اكوديد ” لتنضم فيما بعد إليها قبائل “ايت عتاب “
والهدف من الحلف الجديد هو التصدي لزحف “ايت عطا” وكذلك حماية لمراعيهم ،لكن قوة هذا الزحف أدى بالاستنجاد بقبائل سميت “حرتانية” والتي تعرف باسم “ايت سخمان” التي
تمكنت من بسط نفوذها في المناطق السهلية المحادية لمنطقة واد العبيد .
تحالفات ضد “ايت عطا ” أسفر عن ظهور حلف جديد بين قبائل “ايت بوزيد وايت عياض وايت عتاب،لمواجهة كذلك الزحف العطاوي القادم من الشمال .
مواجهات وزحف هنا وهناك ،قصد فرض الذات ،والاستحواذ على أكبر عدد من المراعي ،لضمان العيش ،في ظل الأزمة التي شهدها المغرب ،والتي أدت انعكاساتها ،إلى البحث عن مناطق الاستقرار والعيش ،والهروب من الزحف الهلالي الذي شرع يجتاح جل الأراضي المغربية بما فيها الساحلية.وربما العامل الجغرافي والإجتماعي ،من بين أسباب هذه الفوضى…. .
أمام هذه الصراعات ،انتعشت الزاوية الحنصالية ،وازداد وزنها ودورها السياسي والاجتماعي على الخصوص ،بحيث تعتبر ملاذا لفك النزاعات ،لما تتسم به من حياد في الصراعات الدائرة ،والمكانة التي يحضى بها شيوخها ،وعلى رأسهم مؤسسها “سعيد احنصال” هذا الاسم الذي يعني “أحصال” بالامازيغية ،أي يوقف الجميع عند حده ،لما كان يحمله من أفكار وعلم ،والتي تعلمها خارج المنطقة ،وفي مناطق عدة ،وحسب الروايات فإنه حفظ القران في سن مبكرة .مما دفعه إلى الخروج للجهاد في سبيل الله ،من أجل نشر العلم والإسلام ،إلى أن حط الرحال بمنطقة “اكديم ” بين مجموعة من القبائل ،والممتدة بين ايت عتاب وايت تكلا ،والمعروفة حاليا بإحنصالن ” المتواجدون على سفح الجبل ،في الطريق المؤدية إلى “أوزود” لتتوسع إلى أن وصلت سهول تادلا….
ومن هذه الشجرة والجذور تخرج المجاهد الكبير ابن المنطقة “احمد الحنصالي ” الذي سأخصص له موضوعا حول النشأة والتكوين .
إذن صراعات قديمة بين هذه القبائل ،بنفس الأسباب ـبحثا عن قوت لها وماشيتها ،في ظل الظروف الطبيعية القاسية التي عزلتها عن العالم الخارجي ،جعلها تعيش معاناة كثيرة…..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق